رحلة تشغيل برامج تخطيط موارد المؤسسات .. خطوات وتحديات
9 دقائق للقراءة
بمجرد أن تبحث في محرك البحث جوجل عن برامج تخطيط موارد المؤسسات تتفاجأ بكمية المعلومات والتعريفات الهائلة، والتي تختلف من موقع لآخر، وباختلاف التعريف تختلف طُرق تشغيل برامج إدارة الأعمال من شركة لأخرى، ويبرهن ذلك على المرونة التي تمتلكها تلك البرامج، والتي أصبحت أداة راسخة لتمكين الأعمال التجارية، بما تمتلكه من قدرة على تبسيط الأعمال وتحسين الرؤية وخفض التكاليف.
وبرامج تخطيط موارد المؤسسات بطبيعتها وتأثيراتها تُغير شكل العمل جذريًا، وتنقلك من عالم المستندات والأوراق إلى عملية غاية فى السهولة، فهي تبسط أعقد عملياتك الحسابية، وتضعك على حلبة المنافسات التجارية، لذلك لا بد من أن تُؤخذ عملية تشغيلها على محمل الجد.
سنقوم سريعًا برحلة تشمل محطات عملية التشغيل، ونوضح بعض المخاطر التي من الممكن أن تهدد تلك العملية، ولنفترض أن “بسطويسي” صاحب شركة يريد أن يتحول لبرامج تخطيط موارد المؤسسة للمرة الأولى، ما الذي ينبغي أن يفكر فيه أولاً؟
أولاً: تحديد المشاكل، تحديد الأهداف
تقدم برامج تخطيط موارد المؤسسة العديد من الميزات الواسعة والخيارات التي تحل العديد من المشاكل والقضايا التي تواجهها شركات مختلفة، أيًا كان نوع التجارة المنخرطة فيها الشركة، السؤال الأول الذي ينبغي أن يُسأل ليس عن أهمية التشغيل وضرورته، بل ما يمكن أن تستفيد به الشركة من خلال هذا التشغيل.
يساعدك في ذلك فهم وتحليل مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs)، فمن خلالها ستتعرف عن قرب على نقاط الألم التي تعاني منها الشركة؛ لتعرف جيدًا ما الذي يمكن أن يقدمه الـ ERP للشركة.
وتحديد الأهداف لا يتضمن فقط الأهداف الحالية التي تسعى إليها الشركة، بل يتطلب أيضًا الأهداف المستقبلية التي تطمح إليها الشركة، بما يتوافق مع التحديات الخاصة بها.
هذه المرحلة من أهم المراحل التي توفر على أصحابها أموال وأوقات فى سبيل تشغيل فعّال. وفقًا لدراسة بانوراما فإن 61% من عمليات التشغيل تستغرق وقتًا أكثر من المتوقع، و 74% من مشروعات التشغيل تتجاوز الميزانية، والسبب الرئيس لهذه النسب هو التعريف غير الواضح لمتطلبات تخطيط موارد المؤسسات.
من ضمن أكبر أسباب فشل الشركات أيضًا هو عدم إعطاء أنفسهم الوقت الكافي لدراسة الخيارات المتاحة لهم، فحسب إحصائية capterra فإن 33% من الشركات لم يستعرضوا برامج تخطيط موارد المؤسسات قبل شرائها، وأقر ما يقارب الـ 20% من الشركات أنهم قاموا بشراء أول برنامج عُرض عليهم.
قد تشير تلك الإحصائيات إلى ضرورة تخصيص احتياجاتك، لكن تشير إحصائيات أخرى إلى أن التخصيص المفرط قد يؤدي في بعض الأحيان إلى فشل في الاستخدام الأمثل لأنظمة تخطيط موارد المؤسسات تبعًا لزيادة التعقيدات. ولضمان الاستخدام الأمثل لأنظمة تخطيط موارد المؤسسات ينبغي أن يُوضع في الاعتبار المستقبل والحاضر معًا.
ثانيًا: تهيئة العاملين لاستقبال هذا التغيير
من أكبر العقبات التي تقف في طريق التشغيل هي المحاولات المُنفذة بغرض مقاومة هذا التغيير، سواء كان خوفًا من إيقاف طرق الاختلاس التي تكشفها فلسفات برامج تخطيط موارد المؤسسات والتي تجعل كما يقولون “كل اللعب على المكشوف” -حيث لا مجال للتلاعب بأرقام تسجل فى اللحظة والحال، وخاصة مع ارتباطات تلك البيانات مع غيرها من الأقسام-، أو حتى من خلال الرغبات الطبيعية فى الاحتفاظ بما اعتدنا عليه ومقاومة أى تغيير.
يقول نيفيل تروبيت ”أكبر عنصر لفشل تنفيذ برامج تخطيط موارد المؤسسة هو ضعف إرادة التغيير”
لذلك من المهم بمكان، أن تقوم الإدارة بتهيئة العاملين لهذا التغيير الشامل، وذلك من خلال فهم وصياغة الحاجة للتغيير، وعن طريق إبانة كيفية الاستفادة من الميزات لكل منهم، والذي يُمّكنك من أن تقطع شوطًا طويلاً، وتولد الحماس المطلوب لتنفيذ مثل هذا المشروع، بدايةً من إنفاق الوقت لدعم تلك الرؤية الجديدة.
وقد يساعدك فى هذا الأمر أن تكون واضحًا بشأن الميزانية، والموارد المطلوبة لدعم المشروع عبر الحفاظ على قناة تواصل واضحة، مثل: تعيين شخص مسؤول عن إزالة العقبات في الطريق.
وفي المقابل من المهم على من يديرون التشغيل التأكد من أن الشركة والمنظمة بأكملها على وعي بالأسباب والاستراتيجيات وراء هذا التحرك، ومع الالتزام بالمطلوب من جميع الأطراف ستتجنب مرارات التنفيذ اللاحقة، وإذا كان صناع القرار أنفسهم لا يدعمون بوضوح الحاجة إلى التغيير، فإن ميزانيتك قد تتأثر سلبًا، وإذا كان المستخدمون النهائيون كذلك غير واعين بأهمية تلك التكنولوجيا، سيسود الارتباك وستزداد نسب المقاومة وتتقلص فرص النجاح.
ثالثًا: إدارة التوقعات
عملية إدارة التوقعات هي مرحلة نضج، متى تمتع بها صناع القرار نتج عنها استخدام أمثل لمميزات وخواص برامج تخطيط موارد المؤسسات، وعليك أن تعلم دائمًا أن برمجيات “تخطيط موارد المؤسسات” برمجيات قوية، تنقل عملك ونشاطك التجاري إذا أُحسن استخدامها إلى مستويات المنافسات العالمية، لكنها لن تحقق ذلك بين ليلة وضحاها.
إذ تقوم بتغطية جميع الأعمال التجارية من إدارة المخازن إلى تنظيم المبيعات والمشتريات وربط كل ذلك بالحسابات و ذكاء الأعمال، وقد تشمل أيضًا التجارة الإلكترونية وإدارة علاقات العملاء.
ومن المهم أن يضع صناع القرار أهدافًا مؤقتة بتواريخ لحساب عائد المنفعة بشكل دقيق، فكلما مرت تلك العملية بتخطيط مدروس نضجت ثمارها سريعًا. وتتميز “إدارة” بقدرتها على تشغيل البرنامج خلال أيام.
قبل تشغيل برامج تخطيط موارد المؤسسة، تأكد أن الشركة لديها موارد كافية من الموظفين لإكمال المشروع، قد تبدو هذه نقطة واضحة، لكن العديد من الشركات يبدأون في التشغيل دون مراعاة هذا الأمر مما ينتج عنه موظفين مرهقين وتنفيذ غير مثالي.
رابعًا: وضع الميزانية
يمكن اعتبار تحديد الميزانية عملية استنزاف مدمرة لموارد الشركة، إذا لم ينتبه صناع القرار لوضع جميع الفروق الدقيقة في المشروع، والذي يحكمه قطبان:
- السعي للالتزام المحدد بوقت التنفيذ
- اختيار الحل التكنولوجي الأنسب
وضّح البروفيسور لانس غوتريدج أن الوقت الطويل الذي تصرفه الشركات فى عملية تشغيل وتنفيذ تخطيط موارد المؤسسات قد يورط الشركات في ميزانيات غير محسوبة، ووضّح تقرير بانوراما أن متوسط مدة التشغيل 16 شهرًا، وأشار أيضًا أن متوسط التكلفة يساوي 6.5% من الإيرادات السنوية.
وباعتبار أن شركة “بسطويسي” تنتج ما يقارب 6 ملايين دولار ًا سنويًا من الأرباح ستتحدد التكلفة بحوالي 400000 ألف سنويًا، وخلال 16 شهرًا يمكن أن يتغير الكثير بدءًا من التغييرات التنظيمية والتأجيلات، وتغيير أحد أعضاء الفريق، وكذلك التغييرات التي من الممكن أن تطرأ على البرنامج من إضافة وتغيير بعض الميزات، كل ذلك بالتأكيد سيؤثر على الجدول الزمني والتكلفة؛ لذلك يُعد اختيار برامج ERP تتميّز بالتشغيل السريع وقاية من كل هذا الكم المهدر من الأموال والأوقات.
الحساب والوعي الحقيقي بالمتطلبات وعلى رأسها المتطلبات المادية مثل: حساب عدد المستخدمين، والتدريب، وتكاليف الصيانة، واعتبارات التوسع سيسهل عليك هذه المهمة.
بعد اختيار البرنامج المناسب ووضع استراتيجية واضحة لإدارة تلك العملية وحساب الميزانية بشكل دقيق يكون الوقت مناسبًا لمباشرة التنفيذ، وتكون بذلك تخطيت أهم مراحل التشغيل مما سيسهل عليك إنهاء المهمة على أكمل وجه.
خامسًا: نقل البيانات
أول المراحل الفعلية في مباشرة التنفيذ هي مرحلة نقل البيانات التي تسعى فيها للانتقال السلس. ينبغي في تلك المرحلة مراعاة النهج والطرق المستخدمة في نقل تلك البيانات، ودراسة العوامل التي تلعب دورًا في تحديد طريقة نقل البيانات المناسبة، مثل: تكاليف نقل البيانات، وأداء النظام، ومدة الانقطاع، وحجم البيانات، وجودة البيانات والاحتفاظ بالبيانات وتمكين النظام الجديد. كل تلك العوامل أساسية لتحديد الوسائل الأفضل فى نقل البيانات.
البيانات وما تشمله من أسماء العملاء، العناوين، الفواتير وأوامر الشراء. كل هذا الكم من الممكن أن يكون عنصرًا مربكًا في عملية التنفيذ برمتها، تسبح فيه دون نهاية، لذلك من المهم أن تبدأ هذه العملية فى وقت مبكر فكلما أسرعت في التعامل مع بياناتك كانت فرصتك أفضل في تجنب الاضطرابات والتأخير في تنفيذ تخطيط موارد المؤسسات.
ولتقليل مستوى التعقيد في تلك العملية، يجب عليك تقييد بياناتك قدر الإمكان، وفقًا للوائح واحتياجات الشركة، إلى جانب إشراك الإدارة لاتخاذ قرارات حاسمة فيما يتعلق بفائدة المعلومات القديمة.
سادسًا: التدريب
تفشل 21% من برامج تخطيط موارد المؤسسات في تحقيق فوائد تجارية كبيرة، ومن بين أسباب كثيرة يظهر عامل نقص التدريب بقوة. في هذا السياق التدريب هو الجانب الأكثر أهمية في عملية التشغيل، والذي يضمن نجاح أكبر ومشاكل أقل، وسواء كان تنفيذ البرنامج لأول مرة أو التحول من برنامج لآخر لا بد أن تضمن الشركة الاستخدام الفعّال لتلك التكنولوجيا ونقل المعرفة بشكل كامل.
وفعالية التدريب تظهر فى تقليل الفجوة بين الخلل الطارئ والحل الدائم.
سوف تواجه أفضل الأنظمة المناسبة صعوبة في الممارسة الفعلية إذا لم يتم تفعيلها والعمل بها من قبل الموظفين واستخدامها كما تم تصميمها، قد تبدو تلك المهمة مزعجة، لكن لأصحاب المهارات الذين يعرفون جيدًا التخطيط قبل التنفيذ تصبح عملية تحدي ممتع.
سابعًا: اختبار المشروع
وفقًا لتقرير بانوراما فإن 40% من عمليات تشغيل برامج تخطيط موارد المؤسسات تتسبب في اضطرابات تشغيلية كبيرة بعد بدء التنفيذ، مرحلة اختبار المشروع قبل إطلاقه -بالفعل- أمر حتمي؛ للتأكد من التنفيذ السليم، وتفويت تلك المرحلة قد يسبب نتائجًا عكسية أنت في غنى عنها.
ثامنًا: البث المباشر والدعم المستمر
بعد اختبار البرنامج يكون قد حان الوقت للاعتماد الكلي عليه في العمل، وبطبيعة برامج تخطيط موارد المؤسسات -وتحديدًا- المبينة على نظام السحابة، لا ينتهى الأمر عند هذا الحد؛ لأنها عملية مستمرة بطبيعتها ليست حدثًا واحدًا وينتهي.
التحديات في تشغيل برامج تخطيط موارد المؤسسات حقيقية، ولا يمكن الاستهانة بها. وتُقدر نسب الفشل في مراحل التنفيذ ما يقارب 55% إلى 75% حسب مؤسسة جارتنر، ولكن بدلاً من اتخاذ قرارات مبنية على الخوف يجب أن تشعر بالثقة وأن تتعامل مع تحديات التشغيل.
لا بد أن تعلم أن أكثر القضايا التي تعيق التشغيل غير متعلقة ببرامج تخطيط موارد المؤسسات واختبارها، الشيء الذي ينبغي أن تُلقي له بالاً هو تلك القضايا المتعلقة بالناس وإرادتهم.
إن جزءًا هامًا مما يجعل برامج تخطيط موارد المؤسسات فعّالة هو أنها ليست مقاسًا واحدًا يناسب جميع المنتجات، بالنسبة لكل مؤسسة تعمل بتكوين مختلف يناسب كل شركة، لذلك فإن مفتاح النجاح في عملية التشغيل هو أن تكون على دراية تامة بطبيعة عملك وطبيعة عمل برامج تخطيط موارد المؤسسات، وأن تعمل وتعد الخطط والاستراتيجيات بناءً على ذلك.
مقالات ذات صلة
بين إدارة وشوبيفاي …كيف تدير متجرك الإلكتروني؟
لأن العالم يتجه نحو تحويل المعاملات اليومية إلى معاملات إلكترونية، يحتاج أصحاب الأعمال دائمًأ إلى البحث عن منصات مثل شوبيفاي لإنشاء تجارتهم الإلكترونية أو حتى لتحويل تجارتهم العادية إلى تجارة…
تكنولوجيا الحوسبة السحابية: أبرز أنواعها، ومميزاتها، وكيفية اختيار النظام المناسب لعملك
إن التوسع في تلبية متطلبات العملاء، ومتطلبات التنمية المستقبلية -بالنسبة لمعظم الشركات الصغيرة والمتوسطة- من أهم الاعتبارات الأساسية، والمفتاح الأساسي لذلك هو التطور والكفاءة في استخدام تكنولوجيا الحوسبة السحابية التي…
كيف يعالج النظام المحاسبي السحابي مشاكل التدفق النقدي لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة؟!
كيف يعالج النظام المحاسبي السحابي مشاكل التدفق النقدي لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة؟! هل يطاردك الموردون بحثًا عن أموالهم أو هل تضطر لتأجيل صرف المرتبات للموظفين آخر كل شهر. تعد قلة…