التعريفة الجمركية المتكاملة في السعودية وكيفية البحث فيها

تُمثل التعريفة الجمركية المتكاملة في المملكة العربية السعودية أداة فعالة لتنظيم دخول وخروج السلع عبر الحدود. وتأتي ضمن السياسات الاقتصادية والتجارية التي تهدف إلى تعزيز التنوع الاقتصادي، وجذب الاستثمارات الخارجية.

وفي هذا المقال، نستعرض لك مفهوم التعريفة الجمركية وأهميتها، وكيفية البحث فيها، بالإضافة إلى تأثيرها على السوق العالمي، والاقتصاد السعودي.

مفهوم التعريفة الجمركية المتكاملة

التعريفة الجمركية المتكاملة هي أداة موحدة لتنظيم السلع والمنتجات المتداولة عالميًا، فهي نوع من الضرائب أو الرسوم التي تفرضها الدول على السلع المستوردة عند حدودها الدولية، وتختلف قيمة التعريفة الجمركية حسب نوع السلع المستوردة.

تعتمد التعريفة الجمركية على كود رقمي موحد يتكون في الأغلب من ستة أرقام، ومتوافق مع النظام المنسق (Harmonized System أو HS Code) الذي وضعته منظمة الجمارك العالمية، وهو معيار دولي لتصنيف السلع التجارية، وتحديد الرسوم الجمركية الخاصة بها.

تتوسع الأكواد لتشمل أكثر من 6 أرقام بحسب كل دولة فمثلاً في السعودية، رمز النظام المنسق (HS Code) يتكون من 12 رقمًا.

تُستخدم هذه الأرقام لتحديد المنتجات بدقة عند الاستيراد والتصدير، معتمدين على النظام الدولي الذي يتكون عادةً من 6 أرقام، وتتم إضافة 6 أرقام إضافية لتفاصيل وتصنيفات محلية داخل السعودية، مما يسهل على الشركات والتجار فهم الرسوم المطبقة على سلعهم، وتجنب أي مشكلات عند إجراء أي معاملات دولية.

أهداف التعريفة الجمركية المتكاملة في السعودية

تهدف السعودية من خلال نظام التعريفة الجمركية المتكاملة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الاقتصادية والتنظيمية، ومن أهمها:

حماية الصناعات المحلية

تساعد التعريفة الجمركية في حماية المنتجات المحلية من المنافسة غير العادلة، ويتم ذلك عن طريق فرض رسوم إضافية على المنتجات المستوردة، مما يجعل الأسعار أكثر تنافسية، ويساهم في تعزيز الإنتاج المحلي.

تيسير التجارة الدولية

يسهل نظام التعريفة الجمركية حركة البضائع بين السعودية والدول الأخرى. مما يعزز التجارة الخارجية ويقوي العلاقات الاقتصادية مع الدول الأخرى.

الحماية من الإغراق

يحدث الإغراق عندما تقوم دولة ما بتصدير منتج معين إلى دولة أخرى بأسعار منخفضة جدًا. مما يجعل المنتجات المستوردة أرخص من المنتجات المحلية.
وبالتالي إلحاق ضرر على الشركات المحلية، لأنها ستواجه صعوبة في المنافسة مع الأسعار المنخفضة للمنتجات الأجنبية.

كيفية البحث في التعريفة

يحتاج صاحب العمل إلى البحث في التعريفة الجمركية المتكاملة لمعرفة الإجراءات الخاصة بتصدير أو استيراد منتجات معينة، ويمكن تنفيذ ذلك باتباع خطوات محددة تساعد في الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالرسوم الجمركية على السلع، وهي:

1- جمع المعلومات الأساسية عن المنتج

قبل أن تبدأ بالبحث، تأكد من أنك تمتلك جميع المعلومات الضرورية عن السلعة التي تريد معرفة الرسوم الجمركية الخاصة بها، مثل اسم المنتج، بلد المنشأ، وطبيعته (سلعة استهلاكية، مواد خام، آلات، إلخ).

2- البحث عن رمز النظام المنسق (HS Code)

الـ HS Code أو “رمز النظام المنسق” هو نظام عالمي لتصنيف السلع والمنتجات. تم تطويره من قبل المنظمة العالمية للجمارك (WCO)، ويُستخدم لتحديد كل منتج متداول دوليًا، ويتكون عادة من 6 أرقام على الأقل.

في هذا النظام، يتم تقسيم السلع إلى فصول وأقسام بناءً على طبيعة المنتج أو استخدامه، وكل منتج في العالم يحصل على رمز مميز يُحدد فئته بدقة.
ومن ثم، تساعد تلك الرموز في تسهيل التجارة الدولية، وتحديد الرسوم الجمركية المطبقة.

وعند الحديث عن هيكلة هذا المعيار نجد أن الأرقام الستة الأولى تمثل معيارًا دوليًا موحدًا، وهناك عدة دول تضيف أرقامًا إضافية (8 أو 10 أرقام) لتحديد المنتجات بشكل أكثر تفصيلًا وفقًا لقوانينها المحلية.

مثال على رمز النظام المنسق (HS Code) في السعودية

إذ قلنا أن 8415.10.10.00.10 – هو رمز النظام المنسق للمكيفات الهوائية، فهذا يعني أن:

• 84: يشير إلى الآلات والمعدات الميكانيكية.
• 15: يشير إلى الأجهزة المستخدمة في التبريد والتهوية.
• 10: يحدد المكيفات الهوائية.
• 10: يشير إلى نوع المكيفات الهوائية الخاصة بنظام التبريد فقط.
• 00: يمثل تفاصيل إضافية متعلقة بالمواصفات الفنية أو الحجم.
• 10: تخصيص سعودي إضافي يشير إلى المواصفات المحلية مثل الطاقة أو الاستخدامات المحددة.

3- البحث باستخدام الكلمات المفتاحية

إذا كنت لا تعرف الرمز المنسق (HS Code) لمنتج معين، بسبب عدم الاطلاع الكافي على تفاصيل المنتجات أو عدم التفاعل السابق مع العمليات الجمركية. ففي هذه الحالة، يمكنك البحث باستخدام الكلمات المفتاحية، وذلك من خلال إدخال وصف المنتج أو اسمه في نظام البحث.

مثلًا، إذا كنت تبحث عن الرسوم الجمركية المتعلقة بأجهزة الحاسوب، يمكنك إدخال “حاسوب محمول” أو “أجهزة إلكترونية”. وبناءً على الوصف، سيعرض النظام جميع الفئات المشابهة التي يمكنك اختيار الأنسب منها.

4- الاطلاع على الرسوم الجمركية والقوانين المرتبطة

بعد أن تحدد المنتج الذي تبحث عنه، ستظهر لك معلومات حول الرسوم الجمركية. وبالتالي ستعرف نسبة الرسوم المطبقة على المنتج.

5- التأكد من الشروط الخاصة

تحتاج بعض المنتجات إلى شروط خاصة عند الاستيراد أو التصدير. مثلاً، قد تحتاج إلى شهادة تؤكد مطابقة المنتج للمواصفات، أو تحقق من الشروط الصحية أو البيئية.

لذلك، فمن المهم مراجعة هذه الشروط للتأكد من أن منتجك يتوافق مع القوانين.

6- التحقق من التحديثات الدورية

تتغير الأنظمة الجمركية باستمرار نتيجة للاتفاقيات التجارية أو غيرها. لذا، يجب التأكد من حداثة معلوماتك، لتجنب أي تغييرات قد تؤثر على تكلفة الاستيراد أو التصدير.

7- الاستفادة من أدوات البحث الإلكترونية

تساعدك الأنظمة الإلكترونية في البحث عن التعريفة الجمركية بسهولة، ويمكنك تصفح المنتجات والوصول إلى الرسوم بسرعة، مما يوفر عليك الوقت ويجنبك التعقيدات.

المبادئ الأساسية لتصنيف السلع في جدول التعريفة الجمركية

تعتمد التعريفة الجمركية المتكاملة على مجموعة من المبادئ الأساسية التي تضمن وضوح وسهولة عملية التنظيم الجمركي، ومن أهم تلك المبادئ ما يلي:

قيمة العناوين

تستخدم العناوين في الأقسام والفصول كإرشادات فقط، ولا تحدد التصنيف النهائي للسلع.

مثال: “الأثاث”

العنوان: الأثاث

يشمل هذا العنوان جميع أنواع الأثاث، مثل الكراسي، الطاولات، والأسرة. تحت هذا العنوان، تجد فصولًا فرعية مثل:

• فصل فرعي: الكراسي: يشمل جميع أنواع الكراسي، سواء كانت خشبية، بلاستيكية، أو قابلة للطي.
• فصل فرعي: الطاولات: يتضمن جميع أنواع الطاولات، مثل الطاولات المستديرة والمستطيلة.

هنا، يستخدم العنوان “الأثاث” كدليل إرشادي لمساعدتك في معرفة الفئات العامة، فإذا كنت تبحث عن نوع معين من الأثاث، يمكنك التوجه إلى الفصل الفرعي المناسب.

لنفترض أن لديك كرسيًا خشبيًا. بالرغم من أنه ينتمي إلى عنوان “الأثاث”، قد تحتاج إلى معلومات إضافية مثل:

• نوع الخشب: هل هو من خشب البلوط أو الصنوبر؟
• الأسلوب: هل هو تصميم حديث أم تقليدي؟

بينما يساعدك العنوان “الأثاث” في توجيهك، فإن التصنيف النهائي للكرسي يعتمد على خصائصه وتفاصيله. العناوين تعمل كإرشادات، لكن التصنيف الفعلي يتطلب مزيدًا من المعلومات حول المنتج.

شمولية الإشارات

وتتمثل في:

1- الإشارة إلى الصنف

كل إشارة إلى صنف معين تشمل ذلك الصنف حتى لو كان غير مكتمل أو غير تام الصنع، بشرط أن تتوفر فيه الصفات الأساسية للصنف الكامل، سواء كان مفككًا أو غير مجمع.

فمثلًا، إذا كان الصنف “كرسي خشبي”، وكان الكرسي غير مكتمل (أي مفككًا)، لكنه يحتوي على الصفات الأساسية للكرسي الكامل، مثل الساقين والظهر، فإنه يعد ضمن فئة الكراسي. وبالتالي، حتى إن كان الكرسي يحتاج إلى تجميع، يتم تصنيفه ككرسي.

2- الإشارة إلى المادة

كل إشارة إلى “مادة معينة” تشمل تلك المادة سواء كانت نقية أو مخلوطة، وتشمل السلع المصنوعة كليًا أو جزئيًا من هذه المادة.

فمثلًا، إذا كان الصنف “كرسي خشبي”، ولكن الخشب مخلوط ببعض من البلاستيك، فإنه يصنف بناءً على المادة التي تشكل الجزء الأساسي من المنتج.

في المثال السابق، سيظل الكرسي ضمن فئة المنتجات الخشبية.

تبنيد السلع في أكثر من بند

عندما تدخل سلع في بندين أو أكثر، يتم التبنيد بناءً على التالي:

أ. تفضيل البنود الأكثر تخصيصًا

يفضل اختيار البند الأكثر تخصيصًا -والذي يقدم وصفًا دقيقًا- على البنود ذات النصوص العامة، وإذا كانت هناك بنود متعددة تشير كل منها إلى جزء فقط من المواد المستخدمة في الأصناف المخلوطة أو المركبة، أو تشير إلى جزء من السلع المهيأة كمجموعات للبيع بالتجزئة، فإن هذه البنود تعد متساوية في التخصيص.

وهذا ينطبق حتى لو كان أحدها يقدم وصفًا أكثر دقة أو اكتمالًا.

لنفترض أنك تستورد “كرسي خشبي” غير مكتمل، وهو مفكك إلى أجزاء منفصلة مثل الساقين والظهر. قد تجد بندًا يشير إلى “الكراسي الخشبية” ككل، وآخر يشير إلى “أجزاء الأثاث الخشبي” فقط.

في هذه الحالة، يفضل استخدام البند الخاص بـ”الكراسي الخشبية” لأنه أكثر تخصيصًا، ويصف المنتج النهائي بالكامل، حتى لو كان مفككًا.

ب. الأصناف المخلوطة والمصنوعات المركبة

إذا كانت السلعة مكونة من مواد مختلفة أو مجموعة من مكونات مختلفة، يتم تصنيفها بناءً على المادة التي تعطيها الصفة الأساسية، إذا كان من الممكن تحديد ذلك.

ج. التبنيد عند التعذر

إذا تعذر التصنيف حسب القواعد السابقة، يتم التصنيف بناءً على البند الذي يأتي أخيرًا في الترتيب بين البنود الممكنة.

مثال على التبنيد عند التعذر

لنفترض أنك تستورد جهاز مزيج عصائر يمكنه أيضًا طحن الثمار. وعندما تبحث عن تصنيفه في جدول التعريفة الجمركية، لديك الخيارات التالية مع أرقام البنود:

• بند 1: blender 8414.10 (الخلاطات الكهربائية)
• بند 2: juicer 8412.30 (آلات صنع العصير)
• بند 3: grinder 8437.80 (مطاحن الثمار)

أما عن الترتيب فيكون كالتالي:

• بند 1: 8414.10 – الخلاطات الكهربائية: يشمل جميع أنواع الخلاطات، ولكنه عام جدًا.
• بند 2: 8412.30 – آلات صنع العصير: مخصص لصنع العصير، لكن لا يصف جهازك الذي يمكنه أيضًا الطحن.
• بند 3: 8437.80 – مطاحن الثمار: مخصص لطحن الثمار، لكن لا ينطبق على جهازك بشكل كامل.

كيفية تحديد “الأخير”

الترتيب هنا يعتمد على رقم البند، فالبنود تترتب بشكل تصاعدي:

• البند الأول (8414.10) يأتي أولاً، لأنه يصف خلاطات بشكل عام.
• البند الثاني (8412.30) يأتي بعده، لأنه يحدد آلات صنع العصير بشكل محدد.
• البند الثالث (8437.80) يأتي أخيرًا، لأنه يركز فقط على مطاحن الثمار.

إذا لم يكن هناك بند واضح يتناسب مع جميع وظائف جهازك، يتم اختيار البند الذي يأتي في النهاية بين الخيارات المتاحة.

في هذا المثال، “مطاحن الثمار” (8437.80) هو البند الذي يأتي أخيرًا، وبالتالي يتم تصنيف الجهاز كـ “مطحنة ثمار” حتى لو لم يكن هذا تصنيفًا مثاليًا.

قواعد العلب والتغليف

توجد قواعد خاصة للسلع التالية: العلب والتغليفات المصممة خصيصًا لأجهزة التصوير، والأدوات الموسيقية، والأسلحة، وأدوات الرسم، والأوعية المصممة خصيصًا لاحتواء صنف معين أو مجموعات (أطقم).

تُعد تلك العلب وما يماثلها جزءًا من المنتجات عندما تُباع معها.

وعادة ما تصنف مواد التغليف أو الأوعية المستخدمة عادة لتغليف السلع مع السلعة نفسها، ولكن تلك القاعدة ليست ملزمة إذا كانت أوعية التغليف قابلة للاستخدام المتكرر.

تحديات نظام التعريفة الجمركية المتكاملة في السعودية

على الرغم من الفوائد الكبيرة التي يقدمها نظام التعريفة الجمركية المتكاملة، هناك بعض التحديات التي قد تواجه الشركات والتجار، ومن أبرزها:

1. التعقيد في فهم القوانين، ففي بعض الأحيان تكون القوانين الجمركية معقدة، وتحتاج إلى وقت لفهمها بشكل كامل.
2. التغيرات المستمرة إذ تواجه الشركات تحديًا في مواكبة التغيرات المستمرة في القوانين واللوائح الجمركية، مما يؤدي إلى زيادة التكاليف أو تأخير الشحنات.

الخاتمة

إن فهم تأثيرات التعريفة الجمركية والتكيف مع تغيراتها يعكس قدرة المملكة على المنافسة عالميًا، مما يساعد في تحقيق الرفاهية لشعبها، فهي عنصر مهم في بناء اقتصاد قوي ومتوازن.

وفي ظل تصاعد التحديات الاقتصادية العالمية، أصبح من الضروري مراجعة وتحديث التعريفات باستمرار، لضمان مواكبتها للتطورات، وحفاظًا على مكانة الاقتصاد السعودي في الأسواق الدولية.

المصادر

التعريفة الجمركية المتكاملة من ZATCA.