fbpx

الجدران العازلة .. لماذا يجب أن نقرأ عن التكنولوجيا؟

4 دقائق للقراءة
الجدران العازلة .. لماذا يجب أن نقرأ عن التكنولوجيا؟

الجدران العازلة، متاهة تخدع الجميع

في مصعد حديدي صدئ، يستيقظ توماس ويجد نفسه مصابًا بفقدان الذاكرة، لا يستطيع تذكر اسمه أو عائلته أو منزله، ليجد نفسه في أرض محاطة بجدران ضخمة من الحجارة، تدور أحداث الفيلم حول الهروب من المتاهة هذا على الأقل في جزئه الأول، قد تبدو فكرة الجدران العازلة لفصل الإنسان عن عالمه مثيرة وتستحق المتابعة، وسواء استخدمت لحماية دول أو عواصم جديدة، فإن شكلها الأخطر حينما تستخدم لتغريب الإنسان عن فضائه الحقيقي، حتى لو كانت غير مرئية، شكل العالم اختلف .. هذا أكيد، الفرق بين جيلنا وجيل آباءنا واضحة؛ لكن كلما طال بنا الأمد فإن الفجوة بين جيلنا وجيل آبناءنا ستكون مريعة .. ربما لعالم يجهلنا أكثر من جهلنا له.

وقد تكون تلك الجدران الأسمنتية شفافة بالشكل الذى لا يعني أن هناك خطرًا وأن شيئا ما قد حدث، وتبدو المتاهة فيه تضاريس الأرض الجديدة.

الخوف من الخوف

هناك افتراض بأن الافتقار إلى التفكير العلمي يؤدي إلى رفض غير عقلاني للتكنولوجيا، ينتج عنه الاستنتاج الخاطئ بأن قبول التكنولوجيا أو عدم قبولها هو ببساطة مسألة تفاهم، وأن المشكلة تُحل بتعليم أفضل، لكن هذا الافتراض مضلل بشكل كبير.

يقول أندرو دي ماينارد -أستاذ في مدرسة المستقبل للابتكار في المجتمع- الواقع أكثر تعقيدًا بكثير، إن الفشل في فهم قلق بعض الأشخاص بشأن التكنولوجيات الناشئة، وكيف يمكن معالجة هذه المخاوف بشكل فعال، يُمكن أن يؤدى إلى كارثة للتكنولوجيات الجديدة والمنتجات التي تستخدمها.

هناك أيضًا الافتراض الأساسي بأن التقنيات الجديدة معقدة للغاية بحيث لا يمكن لأفراد الجمهور فهمها، بالطبع هذا صحيح، لكنك إذا طلبت من شخص ما في الشارع أن يشرح العلم وراء تحرير الجينات، أو أساسيات معالجة اللغات الطبيعية، فمن غير المحتمل أن تحصل على إجابة دقيقة. ولكن مرةً أخرى، إذا كنت تسير في قسم أكاديمي عشوائي في إحدى الجامعات الكبرى، فستجد أن لديك نفس الاستجابة، وهذا يؤكد حقيقة أننا خارج مجال خبرتنا المباشر، جميعنا أعضاء في هذا الكيان الذي نحب أن نسميه “الجمهور”.

الأهم هنا هو كيف يمكن للتكنولوجيا الناشئة أن تؤثر على الناس، وقدرتهم على فهم ذلك، وأن يكون لهم صوت في تطوير التقنيات التي تستجيب لاحتياجاتهم واهتماماتهم، وإيجاد منظمات تعمل معًا للتأكد من أن التكنولوجيا الجديدة مفيدة حقًا.

هذا لا علاقة له بالقراءة والكتابة العلمية، أو مستوى التعليم -على الرغم من أن كلاهما له مكانته- لكن له علاقة بأن يكون الناس واعين بشكل العالم الجديد وما يحاط به من جدران جديدة ستغير شكله وواقعه. الخوف هو رد فعل إنساني لتغيير لا يُعلم سقفه، وأي محاولة لمنع الناس من هذا الشعور، يعتبر تعد على حقهم في الخوف حينما يكون الأمر عن الإنسان والإنسان فقط.

المخيف في التكنولوجيا ليس التغيير الذي تحدثه في تعاطينا مع الأشياء، المخيف هو التغيير الذي يغيرنا نحن كأفراد، والشيء الأكثر رعبًا هو عدم الخوف مطلقًا.

حياد التكنولوجيا

على الرغم من أننا نتناولها بانتظام، إلا أننا نادرًا ما نعرف عن عمليات الاختبار، ومع ذلك فإننا نثق في إدارة الأغذية والعقاقير، وأطباء الرعاية الصحية وعدد لا يُحصى من المختبر إلى الصيدلية، في كثير من الأحيان يتم إخبارنا عن الآثار الجانبية المحتملة لكننا نتناولها على أي حال، هذه العملية البسيطة “تناول الدواء” على رغم من علامات التحذير وجهلنا بكيفية تفاعل هذه المواد مع أجسامنا الفريدة، فإننا نشارك بانتظام فى أسلوب حياة مدفوعة بالتكنولوجيا، وغالبًا ما نجهل الآثار الكاملة لهذه التقنيات، ومع تقنيات أخرى أكثر التصاقًا بوجودنا المجتمعي فإن الأدوات الإلكترونية تؤثر على الطريقة التي نعيش بها في الفضاءات المختلفة.

التلفاز “سلاح ذو حدين” من أكثر العبارات التي نشأنا على استعمالها فى مواضيع الإنشاء حين كنا صغارًا، وبذلك تكونت تلك الصورة فى الوعي الجمعي، وانتشر على مستوى عالمي أن التكنولوجيا محايدة، ويقع الاعتبار الأخلاقي الوحيد في نية الفرد باستخدام التكنولوجيا، أما من يرفضون هذا الأمر فإنهم يعتبرون أن التكنولوجيا هى أكثر من مجرد كائن خامل، بالإضافة إلى نوايا مستخدميه، بل يتحمل نوايا منشئه وإمكانات وحدود تصميمه، وكذلك النتائج المتوقعة والغير متوقعة من تنفيذه، وفي حين أننا نود تمييز كائن ما عن تأثيره، فإن الحقيقة أن هذا التمييز خاطئ.

دعنا نتخيل أن السيارة تمثل عبارة حياد التكنولوجيا، بعيدًا عن استخدامها للهروب وارتكاب الجرائم أو استعمالها لتوصلنا بسرعة لمن نحب، لا يمكن للسيارة أن تكون محايدة وفقط، حتى لو كان ذلك غير مرئي، إنها تستهلك مساحة وتنبعث منها أبخرة ضارة في الجو، إن تكنولوجيا السيارات من خلال تصميمها ووجودها تجعل أشياء معينة ممكنة والأخرى مستحيلة، لا يمكن فصل النموذج عن الوظيفة، مكمن الخداع كله أننا نسميهم محايدون لأنهم لا يتسببون فى التدمير على الفور، قد تتضح الصورة أكثر فى تكنولوجيا السيارات ذاتية القيادة، والتي تزيح الإنسان حرفيًا، بدأت بتهديده في وظيفته ولا يُعلم إلى أين ينتهى بنا الأمر. جدران أسمنتية ضخمة حول المفهوم تحصنه من أي نقد باسم الحياد.

معالم مجهولة

“لا يمكن أن تنجح في القرن الحادي والعشرين من خلال احترام قواعد القرن العشرين والقواعد من الألفية بأكملها، التي انتهت بالفعل” بابلو بيرموديز.

تعمل أنظمة المعالجة الطبية وشبكة الطاقة وخطوط التصنيع وأنظمة النقل بنفس الطريقة التي كانت تعمل بها منذ 20 عامًا. ولكن في السنوات القليلة المقبلة، سيجد المهندسون طرقًا لتسخير القوة المذهلة للحوسبة المتصلة. هذا التحول -إنترنت الأشياء الصناعية- هو خطر محتمل على كل صناعة وشركة لا تستجيب.

في الثالث من يناير لعام 2016، أعلن المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، سويسرا، أن العالم قد دخل لتوه الثورة الصناعية الرابعة، معالم الثورة التكنولوجية تتسارع بشكل مضاعف فى كافة العلوم وجميع الصناعات، ستسمع كثيرًا عن الحوسبة السحابية التي منحت الناس قدرات للمعالجة والتخزين الرقمية بشكل غير محدود. سلسلة الكتل وهو تطور في نظام تخزين المعلومات بشكل لا مركزي وسنتحدث عنها تفصيلًا فى وقت لاحق.

ثقافة الشركات الناشئة وهو جيل جديد يقدم حلول رقمية منافسة، قائمة على إجابة أسئلة من نوعية كيف نقوم باتصال حقيقى بين الدماغ وأجهزة الكمبيوتر؟!

إنترنت الأشياء وهو كما يقال النظام العصبي الرقمي لكوكبنا الجديد، الكلام هنا ليس عن التوسع في قنوات الإعلام الاجتماعي على فيسبوك أو تويتر أو جوجل أو لينكد إن، الكلام هنا عن أن الإنترنت سيكون الوسيط الطبيعي في التواصل مع أي شخص أو مؤسسة ما فى البيع والشراء والتعلم والعمل، 3 مليارات بالفعل متصلين بشبكة الإنترنت وفى غضون سنوات قليلة سنصل إلى 7 مليارات.

على الرغم من الوضوح الشديد، ندور في دوامات أكبر ومتاهات ليس لها حل، هل ستكون مثل الثورة الصناعية الأولى، أم أن خيال الأفلام أبسط من أن يتوقع القادم؟ إذا كان ولابد من التغيير، فعلى الأقل شارك فى وضع الحجارة واختر الأسمنت الذي يناسبك، فالأرض أرضك والجدار جدارك.

التسويق بالمشاعر .. كيف تسوق الشركات منتجاتها؟. اضغط للقراءة

مقالات ذات صلة

4 دقائق للقراءة

معضلة الأفكار .. كيف تُولد أفكار الشركات الناشئة ؟

هل يصادفك أحيانًا شعور كم أنت غبى يا هذا!! مخاطبًا نفسك؟ التقط دائمًا بعيني كيف تكون حياة المبدعين، في السينما دائمًا ما يصورون على جزر المالديف يتنفسون هواء البحر المنعش،…

7 دقائق للقراءة

مميزات وعيوب برنامج أودو المحاسبي Odoo

في رحلة بحثك عن برنامج ERP مناسب بالطبع قابلت برنامج أودو المحاسبي، وبرنامج “إدارة”، ورغم أنهما يقعان تحت مظلة برامج الحلول البرمجية الإدارية، إلا أنهما يختلفان في العديد من الخصائص،…

4 دقائق للقراءة

برامج نقاط البيع POS وعلاقتها ببرامج الـ ERP

هل سمعت عن أنظمة نقاط البيع POS وما تقدمه من خدمات لتيسير عمليات البيع في متجرك؟ إذا كنت تاجر تجزئة أو تنوي بدء تجارتك قريبًا فلا شك أنك سمعت بهذا…